على الرغم من وفاة والدها وهي صغيرة، تتذكر اللاجئة السورية صالحة، البالغة من العمر 45 عاماً، حياتها الجميلة في حلب قبل الحرب، عندما لم تعرف معنى الديون، وكانت قريبة من إخوتها الذين كانوا يعيلون الأسرة. لكن وضعها الحالي مختلف جداً، فبعد أن أجبرت على الفرار من بيتها منذ تسع سنوات، تعيش صالحة في مخيم “باسرمة” في شمال العراق، حيث أصبحت المعيلة الوحيدة لأمها المسنة (85 عاماً) وابنتها (17 عاماً). ومن المعروف أن هذه المنطقة من العراق تصبح باردة جداً خلال فصل الشتاء، حيث تتجمد المياه في الأنابيب. ولذلك، لا تستطيع صالحة وعائلتها الحصول على الماء لعدة أيام وتقول: “ما كنا نفيق، أولاً من البرد، وتانياً ما في ميّ نتوضّى”. عندما ينتهين من الصلاة، فإنهنّ تسارعن إلى الفراش لتجنب المزيد من الألم الذي يسببه البرد الشديد..
وعلى الرغم من وجود سخان كهربائي، لا تحصل عائلة صالحة على الكهرباء المجانية إلا لمدة ثلاث ساعات يومياً. وفي باقي الوقت، يعتمدن على مدفأة الوقود للحفاظ على الدفء الذي تحتاج إليه أم صالحة لا سيما بسبب معاناتها من مرض في المعدة ومن الربو. قبل أيام استيقظت صالحة في الساعة الثالثة صباحاً ووالدتها غير قادرة على التنفس، وقالت: “صريخي أنا وبنتي وصّل للسما”. وقد تسببت هذه الظروف في أن تعيش صالحة في حالة خوف دائم: “بيصير المسا بقول يا ربّي ما يطلع عليّ الصبح منشان ما أرجع أتعذّب، وشو بدّي أشوف”.
ومع ذلك، فإن المساعدة النقدية الشتوية التي قدمتها المفوضية والبالغة 480,000 دينار عراقي (328 دولار أميركي) كانت مصدر تفاؤل لصالحة التي استخدمتها لتغطية تكاليف العلاج الطبي لأمها، وشراء الغاز، وتسوية بعض الديون. وصرفت الباقي على وقود المدفأة والبطانيات لإبقاء أفراد عائلتها دافئين خلال فصل الشتاء. ومع ذلك لا يزال على صالحة أن تتصدى لأسئلة صعبة: “من بعد العصر، بدّي آكل همّ بكرة… شو بدي أجيب وشو بدّي أسوّي؟ ومين بدو يمرض، بنتي ولّا أمي؟“
هذا هو الواقع الذي تواجهه عائلة صالحة وآلاف الأسر الأخرى في سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر خلال فصل الشتاء القارس. ومع انخفاض درجات الحرارة في ظل الظروف الجوية القاسية، تزداد صعوبة تلبية الاحتياجات الشتوية الأساسية مثل تدفئة المآوي، وشراء الملابس الدافئة، وطهي الوجبات الساخنة. وبفضل دعمك يمكن للمفوضية أن تواصل توزيع مساعداتها النقدية الشتوية، التي أثبتت أنها من أفضل الطرق التي تساعد هذه الأسر على تغطية احتياجاتها الأساسية
تابعنا