بعد المأساة والنزوح، لا تزال إبتسامة هدى مصدر إلهام 

مع اقتراب العام الجديد وهبوط درجات الحرارة بشكل حاد، يبحث الملايين عن الراحة في منازلهم المجهزة بأنظمة التدفئة والاستمتاع بالوجبات الدافئة رفقة العائلة والأصحاب. قد تكون هذه الامور بديهية للكثيرين منا، ولكن بالنسبة للاجئين السوريين المقيمين في سهل البقاع في لبنان، فإن واقع فصل الشتاء أصعب بكثير 

وتعرف منطقة البقاع بموجات الحر الشديدة التي تشهدها في الصيف، وكذلك تعرف بشتائها القارس أيضاً، حيث تتدنى درجات الحرارة فيها إلى ما دون الصفروتتسبّب الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات تترك أضراراً كبيرة. كل ذلك يشكّل تهديداً واختباراً قاسياً لقدرة المجتمعات الأشدّ ضعفاً على الصمود والتحمّل، وخصوصاً اللاجئين 

إحدى أفراد هذا المجتمع هي هدى، وهي أم أرملة لاجئة تركت منزلها في حلب قبل ثماني سنوات نتيجة الصراع. بعد أن خسرت زوجها وكل ما تملك، باتت هي المعيلة الوحيدة لأطفالها الثلاثة. وتتفاقم معاناة هدى وأطفالها كل عام خلال فصل الشتاء البارد حيث تسكن الأسرة في خيمة من جدران بلاستيكية في أحد المخيمات العشوائية 

خلال إحدى زياراتنا الميدانية، أخبرتنا هدى:”الوضع كان كتير سيء”، وهي كانت تتحدث عن واقعها وواقع الأسر اللاجئة الصعب في لبنان خلال الشتاء. واليوم، مع إرتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية إلى مستويات غير مسبوقة نتيجة الأزمة الاقتصادية في لبنان، فإن معظم اللاجئين السوريين في البقاع، البالغ عددهم 339،473 ، باتوا يعيشون في فقر مدقع ويعجزون عن توفير أبسط مستلزمات العيش، ناهيكم عن لوازم الدفء. معظمهم من النساء والأطفال، فتخيّل أحوالهم 

كذلك، أخبرتنا هدى عن الأثر الكبير للمساعدة الشتوية التي تقدمها المفوضية على حياتها، حيث ساعدتها على مواجهة وضعها الصعب، وقالت: “كانت كتير مساعدة … كان عليّ دين قبل ما تجيني المساعدة الشتوية وخصوصاً هلق من فترة ركّبنا الصوبيا، بدنا نشتري مازوت… الصراحة، لولاها، كان راح يكون وضعي تعبان… أنا عم بحكي بصراحة، وما عم بحكي عن وضعي أنا بس، عن وضع كتير ناس متل حالتي” 

  واستجابةً للاحتياجات المتزايدة للاجئين والنازحين خلال فصل الشتاء في لبنان والأردن وسوريا والعراق ومصر، تقدم المفوضية المساعدات النقدية الشتوية التي تسمح للمستفيدين توفير لوازم الشتاء والتدفئة. كما نقوم بتدعيم المآوي وتوفير مواد الإغاثة الشتوية كالبطانيات والثياب الشتوية وغيرها من اللوازم الأساسية 

رغم الشقاء والمعاناة، لا تزال هدى تتمتع بالعزيمة والأمل، وترتسم البسمة على وجهها بشكل دائم. وقد أخبرتنا: “كتار بيقولولي إنت عطول مبتسمة، من وين عم تجيبي هالتفاؤل؟ حزنت كتير، بكيت كتير، بس ما حصّلت شي، ما وصلت لشي. فقرّرت إني خلص، بدّي أضحك. بدي أرجع أعيّش أولادي بكآبة فوق الكآبة اللي هنّي فيها؟ لا خلص. بدي أضحك”.ـ 

من خلال تبرعات الزكاة والصدقات، تمكّنا من مساعدة الكثيرين مثل هدى وأسرتها. اليوم، بعطائك وبعطاء أهل الخير الكرام أمثالك، سندعم عزيمتهم ونمكّنهم من مواجهة أكبر مخاوفهم ونشاركهم نعمة الأمان الذي افتقدوه طويلاً، ويعرفون أنهم ليسوا متروكين بلا سند. 

‎مؤخرة الموقع